خطر تأليف الأبحاث والكتب اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي بين وأد الإبداع والفراغ المعرفي

02 Feb 2025


في عصر الذكاء الاصطناعي أصبح الوصول إلى المعلومات أسهل من أي وقت مضى، وأصبح بإمكان أي شخص تأليف كتاب أو كتابة بحث علمي بضغطة زر.

 ولكن هل يعكس هذا المجهود الحقيقي لصاحبه؟ 

أم أنه مجرد سراب من المعرفة المزيفة التي تفتقر إلى الأصالة والابتكار؟ وهل يمكن لمن يعتمد على الذكاء الاصطناعي في إنتاجه الفكري أن يُعتبر عالمًا أو مفكرًا؟

المعرفة ليست مجرد عملية تجميع بيانات ونقلها، بل هي نتاج جهد، وتأمل، وتحليل، ومقارنات، وإبداع فكري.

 حينما يعتمد الكاتب أو الباحث على الذكاء الاصطناعي ليكتب له، فإنه لا يمارس عملية التفكير الحقيقية، بل يتحول إلى ناقل لما يولده الذكاء الاصطناعي دون فهم عميق أو قدرة على الدفاع عن أفكاره.

إن المؤلفات العظيمة وُلدت من معاناة التفكير، وكدّ الذهن، ومحاولات الربط والاستنتاج، وليس من مجرد ترتيب تلقائي للكلمات يولّده برنامج إلكتروني في ثوانٍ معدودة!

إن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الكتابة = وأد الشخصية، وتؤدي إلى سطحية المحتوى..

حين يعتمد شخص ما على الذكاء الاصطناعي ليكتب بحثًا أو كتابًا يحمل اسمه، فإنه يقتل بذلك شخصيته الفكرية، لأنه لم يترك لبصمته أي أثر، وتصبح كتاباته نسخة مكررة من محتوى بلا روح، خالٍ من الأصالة..

 مجرد كلمات مصفوفة دون هوية فكرية حقيقية.

وبدلاً من أن يكون الكاتب أو الباحث مؤثرًا ومبدعًا، يتحول إلى مجرد "واجهة" تخفي خلفها خواءً معرفيًا لا يستطيع الصمود أمام أي نقاش حقيقي.

ومن الدوافع للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الكتابة:

 بحث البعض عن الشهرة بأي وسيلة، فيسارعون إلى نشر الكتب والمقالات والبحوث التي لم يبذلوا فيها جهدًا حقيقيًا، بل صنعها لهم الذكاء الاصطناعي.

ولكن هل يمكن أن تُبنى الشهرة الحقيقية على وهم؟ 

وهل يستطيع هؤلاء مجاراة النقاش العلمي عندما يُختبرون في أفكارهم؟!

إن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي لكتابة الأبحاث والكتب دون اجتهاد شخصي هو أشبه بلبس ثوب مزيف ليبدو صاحبه عالمًا أو مفكرًا، وهو ما يحذرنا منه النبي ﷺ في قوله: "المتشبّع بما لم يُعطَ، كلابس ثوبي زور".

المتشبع بما لم يُعطَ هو من يدّعي ما ليس له، ويظهر بمظهر من يملك العلم والمعرفة، بينما هو في الحقيقة مجرد ناقل بلا فهم.

حينما يعتمد شخص على الذكاء الاصطناعي في تأليف الكتب والبحوث، فإنه يمارس خداعًا مزدوجًا:

 فيخدع نفسه لأنه لن يكون قادرًا على الدفاع عن أفكاره أو تطويرها.

 ويخدع المجتمع لأنه يقدم معرفة مزيفة مبنية على السطحية لا على البحث والتحقيق.

اجعل الذكاء الاصطناعي مساعدًا لا بديلًا عن عقلك

 فالعلم لا يُنال بسهولة، 

ومن أراد أن يكون صاحب فكرٍ حقيقي، فعليه أن يبذل جهدًا حقيقيًا،

 لا أن يكتفي بلعب دور "المتشبّع بما لم يُعطَ".

الذكاء الاصطناعي قد يكون خادمًا للمعرفة، لكنه لا يصنع العلماء!